نحنا بنحكي – دقيقة صمت.. عابد فهد رجل الدراما السورية

موسى عبدالله – نحنا: يرتبط مجال التمثيل بالموهبة كما مختلف الفنون التي تحتاج الى الابداع الذي يوُلد من رحم الموهبة، ولا يمكن للموهبة ان تنجح وتصل الى بر الامان الا اذا اقترنت بالابداع والتطور، والبحث عن كل ما هو جديد خاصة في مجال التمثيل الذي يعتبر من اصعب الفنون.

من افضل المواهب التمثيلية على الاطلاق الممثل السوري عابد فهد الذي تخطى حدود الابداع، ويعتبر من افضل الممثلين العرب عن جدارة واستحقاق، فقد فرض نفسه منذ سنوات كلاعب مخضرم في ملعب التمثيل السوري والعربي، ويمكن اعتباره مدرسة بحد ذاتها، لان الممثل الشاطر من يبحث عن خيطٍ جديد في مجال الابداع.

يطل عابد فهد خلال شهر رمضان الحالي في شخصية جديدة ضمن بطولته في مسلسل “دقيقة صمت”، لا يلعب على شخصيات ماضية او شخصيات لا تليق به، يلعب في ملعب صعب في مجال التمثيل، اذ يجمع في دور “أمير” بين عدة شخصيات في شخص واحد، الرجل الشهم الذي تورط في قضية قتل بسبب كرامته وعنفوانه، المحكوم بالإعدام، المظلوم الهارب من الإعدام، الباحث عن خيط نجاة، العاطفي الذي يهمه رؤية أبنائه، القوي الذي يتحدى جبروت من هم في السلطة، العاشق الذي يخشى التورط.

يلعب عابد فهد دوره بإتقان، بأسلوب الممثل المحترف الذي لا يقف عند حدود الشخصية المرسومة له، بل يُضيف على الدور لمسته الخاصة، ولا يمكن لأي ممثل اخر مهما كانت قيمته أن يلعب دور “أمير”، لان تلك الشخصية تم تفصيلها على قياس عابد فهد الذي يمتلك الكاريزما ولغة الجسد الذي تخوله لعب دور “أمير”.

في كل مشهد يجد المتابع أن عابد فهد من كوكب آخر، لا يشبه ذاته في عشرات الادوار التي لعبها سابقاً، يُقدم أنماطاً تمثيلية مختلفة، أدواراً صعبة، يدرس الشخصية ويغوص بها، اذ يهدف الى تقديم صورة راسخة في أذهان المشاهدين، ولا يمكن ان تكون هذه الصورة الا نموذجاً حقيقياً عن التطور الذي يشهده عابد فهد على الرغم من سنوات الخبرة.

رسم عابد فهد طريق قد يصعب على غيره من النجوم رسمه، منح شخصية “أمير” العمق الحقيقي، شخصية لا يمكن وصفها والغوص في تفاصيلها الا بعد دراسة، كسر حاجز ما بعد الابداع، وقدم دروساً في اختيار الدور، ودروساً في تجسيد الدور الذي يتطلب من الممثل ان يكون صادقاً مع نفسه قبل ان يكون صادقاً امام الكاميرا والجمهور.

في غضون 15 حلقة من مسلسل “دقيقة صمت” يقول عابد فهد للمشاهد بأن القادم لا شيء امام الحلقات السابقة، وهنا تكمن قوة الممثل الذي يضع المشاهد في حالة من الترقب والانتظار، ولا شك في أن لهذا الانتظار نكهة خاصة في اكتشاف عابد فهد نحو حصد نجاح من نوعٍ آخر يضاف الى ارشيفه المميز.