STAR WEEK

في ذكرى غيابها الثانية.. رحيل صباح رحيل الطيور المهاجرة

موسى عبدالله – نحنا: قبل عامان فارقت الشحرورة صباح الحياة، وصمت الكلام ولم يعد القلم قادراً على الكتابة والتعبير عن خسارة لبنان والوطن العربي لإنسانة كانت بمثابة الصباح الذي يبعث الأمل والتفاؤل بيوم جديد وحياة مشرقة، ولكن القدر والمكتوب ليس منهما هروب لأن شاء الله وما شاء فعل، وهذه حال الدنيا نخلق ونعيش وفي النهاية نموت ونعود إلى الخالق الذي بعث بنا الروح.

كانت شحرورة الوادي صباح هي الصباح الذي يداعب مشاعرنا على “زقزقة” العصافير التي كسبت من صوتها الجمال، وكانت الإنسانة المفعمة بالنشاط والحيوية وحبها للحياة والناس، وكانت رمز الأناقة والجمال الذي يحتذى به، رحلت بصمت دون أن تُزعج أحد بل أزعجها الأخرين بكلامهم السخيف ونكاتهم السطحية التي تدل على أمراضهم وعقدهم، رحلت قبل عامان كرحيل الطيور المهاجرة، رحلت من الأرض لعلها تعيش في سلام في دنيا الأخرة، رحلت الشحرورة صباح التي تيتمت من بعدها السعادة وأصبحت صباح أسطورة خالدة في تاريخنا لن تتكرر.

رحلت من كانت رمزاً للسلام وعنواناً للتعايش والمحبة والتسامح وهل ننسى أغنية “مرحبتين” حينما قالت “وين معروف وين محمود وين الياس وين حسين”، رحلت من كانت هي لبنان كل لبنان، من كانت قلب الوطن النابض، من رسمت البسمة على وجوه اللبنانيين والعرب في هذه المنطقة المكتئبة التي تعاني منذ عشرات السنين من الويلات والحروب، وكانت مؤمنة وواثقة بأن لا شيء يبقى على حاله ولا بد أن يعيش الشرق يوماً ما في سلام وأمن، ولكن السلام لا قيمة له أمام رحيل الكبار.

رحلت صباح وتركت الأغنية اللبنانية والعربية واصبحت يتيمة الأم التي كانت ترعاها وتحن عليها وتخاف عليها، رحلت الشحرورة التي اطربت الملايين على انغام صوتها الخالد في قلوب الملايين، والتي هزت اقدامها اعتى المسارح والخشبات، والتي زلزلت ب “الأوف” الخارجة من حنجرتها الذهبية وديان وسهول لبنان وعبرت الحدود والأجواء ووصلت إلى العالم أجمع، رحلت الصبوحة وتركت قلعة بعلبك واعمدتها بدون اساسات لانها كانت وحبيب قلبها الراحل وديع الصافي حجر الاساس الذي كانت تستند عليه هذه الاعمدة ولا تخاف السقوط والانهيار لانها كانت تستند على جبلين كبيرين من العطاء والسخاء. رحلت وتألمت المسارح والخشبات على فرقاها لانها ستحن لصوتها الماسي الذي كان يقدر كل كلمة يغنيها وكل لحن يعزفه على وتر الاصالة والرُقي.

في ذكرى وفاتها الثانية، نامي قريرة العين يا شحرورة لبنان، مهما كتبت اقلامنا فإن كلامنا لا معنى له في بحر تاريخك الكبير الذي يحتاج الى مؤرخين وفلاسفة كي يخطوا تاريخك ومسيرتك الكبيرة الناجحة على عشرات الكتب، ومن بعد رحيلك لا نريد كتاب تاريخ يحكي عن لبنان السياسي والجغرافي، نريد كتاب تاريخ موحد عن مسيرة صباح وتوأم روحها القديس وديع الصافي يُدرس في المدارس والجامعات كي نتعلم منه معنى الحياة واصولها، ويكون الانطلاقة نحو غد مشرق بالأمل والتفاؤل في شرق كئيب وحزين مزقته الحروب والسياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى