نحنا بنحكي – انغام غيرت المعادلة الفنية.. ألبوم “تيجي نسيب” للتاريخ

موسى عبدالله – نحنا: يمر الإنسان بتجارب عدة في حياته، تجارب عاطفية وآخرى مهنية وغيرها، ويبقى للتجارب العاطفية أثراً كبيراً في حياة الفرد، تجارب فاشلة وآخرى ناجحة، وتترك جميعها أثراً ايجابياً وسلبيا، ولكن العلاقة الفاشلة والمؤلمة يستمر أثرها لأعوام.

من الصعوبة في مكان ما، جمع تلك التجارب خاصة المؤلمة منها في البوم غنائي واحد، اذ يتطلب ذلك بحثاً عن المواضيع، ودراسة شاملة وعميقة، ولكن مع النجمة المصرية أنغام، لا مكان للصعوبة، اذ تتميز بالذكاء والقدرة على البحث والإختيار المهني، والمبني على اجتهاد وثقافة موسيقية.

قبل ٣ أسابيع، طرحت أنغام ألبومها الجديد “تيجي نسيب” من انتاج شركتها الخاصة في تجربة جديدة على أنغام بمجال الإنتاجات الضخمة، وكما يُقال فإن المكتوب واضح من عنوانه، وألبومها واضح من عنوانه، البوم استثنائي على كُل المقاييس.

ضم البوم “تيجي نسيب” ١٢ أغنية باللهجة المصرية، كُل أغنية عبارة عن حالة خاصة، تتناول كُل أغنية موضوعاً مختلفاً عن الآخر، تجارب موجعة، مواضيع وأفكار عميقة، تتحدث عن كُل أمرأة، مهما اختلفت تجربتها، وما يجمع نساء ألبوم “تيجي نسيب” ذات الألم وذات الوجع الذي تتجرعه من غدر وظلم الرجل الذي عُلقت مشنقته بأغنية “تيجي نسيب”، وكأن الحل الأمثل والأفضل هو المحاسبة، محاسبة كل رجل على خيانته وطعنه.

تناول الألبوم حالة كُل إمرأة ذاقت الأمرين من الحب، قُصص وروايات مختلفة، تجعل المتابع في حالة من الصمت، يقف أمام كُل أغنية مُتعجباً ومندهشاً من قوة الفكرة، وأسلوب تناولها وطرحها، تضع المرأة عاجزة في مكانٍ ما أمام بعض الذكريات المؤلمة، ويضعها فرحاً أمام احتمالية المحاسبة واسترجاع ذاتها حيث كسبت نفسها من جديد بعد الوصول الى طُرقات مسدودة.

اجماع في الروايات، لا تعارض بين قصص الألم والوجع التي عاشتها المرأة، حيث ضم الألبوم روايات حقيقية، تُحاكي جميعها تجارب معظم النساء اللاتي تجرعن سم الحب، تضع المرأة مرة في هدنة ذاتية مع نفسها بعد الولادة من جديد، وتذكرها مرة في غصات الوجع، وآخرى تضع الرجل أمام السؤال الأكبر، ماذا سوف يقول للخالق يوم الحساب؟ عن الظلم الذي تسبب به للشريكة.

في الألحان، اختارت أنغام أجمل الجُمل اللحنية، تلك الجُمل الثقيلة، تنوع واختلاف وتطور وحداثة، ألحان نوعية، تضع كل فنان أمام مسؤوليات كبيرة، وتُشير بطريقة مباشرة الى أن الفنان الحقيقي من يُفضل النوعية، ولا يعتمد على الأعمال الغنائية التجارية، التي سرعان ما تذهب مع رياح الأيام.

تتميز الحان أغنيات البوم “تيجي نسيب” بالجودة، وكأن كُل ملحن من صُناع الألبوم، عمل على تقديم أفضل ما لديه، اذ تتنوع الألحان بين الطرب، والطرب الدرامي، والطرب الشعبي، اضافة الى لحن أغنية “وبقالك قلب” الذي قدم أنغام بصورة غنائية طربية من الزمن الجميل.

مناهج لحنية جديدة حملها البوم “تيجي نسيب”، وكأن أنغام تقول “أنا حالة خاصة جداً”، مطمئنة الى كُل ما تُقدمه، في هدنة ذاتية مع نفسها، لا يُمكن التأثير على ما تُريده، فنانة تهدف الى كتابة التاريخ، ورفع مستوى المنافسة مع ذاتها فقط.

على صعيد الأداء، خرجت أنغام عن المألوف، صبغت أداءها بتجاربها الشخصية، منحت كُل أغنية حصتها، لم تبخل على الجمهور في تقديم لوحات منوعة من الأداء الثقيل المتمكن، حيث الحرفية في تقديم أساليب مختلفة من حيث الأداء، واضعةً احساسها وعُربها النظيفة في تصرف كل أغنية.

يُقال بأن هُناك اعجاز علمي، وفي المُقابل هُناك اعجاز فني، وصلت اليه أنغام في ألبوم “تيجي نسيب”، قطعت خلاله مسافات للمستقبل، وأثبتت عن جدارة واستحقاق تفوقها، ورؤيتها الفنية المبنية على منهج فني خاص بها.

لا بُد من الإشادة بجرأة أنغام وطرحها لألبوم “تيجي نسيب” دفعة واحدة، حيث أعادت القيمة للألبومات الغنائية، ونجحت في اختبار الإنتاج الخاص بعيداً عن شركات الإنتاج التي تضع القيود أمام الفنان خاصة في اختياراته الغنائية، وكان لها ما أرادت.

استفزني ألبوم “تيجي نسيب”، وضعني أمام حالة من الجمود، لم أعرف ماذا أكتب وكيف أبدأ، ولكن الحقيقة، جلعني أحُب الموسيقى، وأستنتج أن الموسيقى العربية بألف خير.

عن Ne7na Magazine

شاهد أيضاً

نحنا بنحكي – نجوى كرم القيمة الثابتة في برنامج “آرابس غوت تالنت”

موسى عبدالله – نحنا: تمتلك النجمة اللبنانية نجوى كرم من التاريخ الفني والخبرة المهنية ما …