موسى عبدالله – نحنا: لا شك في أن الحياة قد أكرمت النجمة المصرية القديرة شادية التي فارقت الحياة مساء أمس عن عمرٍ ناهز 86 عام، فقد صدقت مع نفسها حتى صدقت الحياة معها، وكانت من الأشخاص الذين يدركون تماماً أهمية التصالح الذاتي الذي جعلها متصالحة مع الجمهور والنُقاد وزملاءها الفنانين الذين أجمعوا على محبتهم لها بعيداً عن المنافسة وأجواء الغيرة والحسد التي تسود الوسط الفني.
دلوعة الشاشة، معبودة الجماهير، وغيرها من الألقاب التي أُطلقت على شادية التي إستحقت كل حرف تم تركيبه من أجل صياغة الألقاب لها، فقد كانت نموذجاً حقيقياً عن الفنان الذي يدرك معنى النجومية والشهرة، لم تسرقها الأضواء وتنفيها خلف الغرور، بل كانت المعنى الحقيقي للتواضع الذي وضعها في خانة النجوم الحقيقيين الذين لم تحرقهم النجومية، بل صفعت الغرور بتواضعها وحبها للناس حيث كانت قريبة من الجمهور إلى درجة أنها كانت معبودة الجماهير.
شادية التي إعتزلت في عامها الخمسين تحت شعار الحفاظ على نجوميتها، إختارت حينها التوقيت المناسب للإعتزال في عز قمتها وعطاءها، لم تنتظر المرحلة التي تبحث بها خلف الأدوار الثانوية لأنها تعودت على البطولات، لم تنتظر أن يهجرها صوتها ويخونها، بل تمسكت بالشهرة الحقيقية والإعتزال في القمة كي تبقى في القمة في كل الآزمنة لعل وعسى أن تكون مثالاً للنجوم العرب لأن الإعتزال في قمة العطاء هو النجاح الحقيقي والتصالح الأكبر مع الذات.
غابت شادية في ليلةٍ من ليالي تشرين الخائن الذي تعود على الغدر، ولكن شادية لم تخن ذاتها وجمهورها بل صدقت حتى وصلت إلى القمة، وحافظت على قيمتها الفنية في حالة فنية إستثنائية قل نظيرها في الوطن العربي.