موسى عبدالله – نحنا: لا يختلف اثنان على النجمة المصرية الراحلة أم كلثوم والنجمة اللبنانية فيروز، كلاهما حالة فنية لا تتكرر في تاريخ الاغنية العربية، ولا يمكن للزمن الفني الحالي تقديم حالة فنية جديدة تشبه كوكب الشرق أو قيثارة الشرق، حيث وقف زمن الابداع الفني والموسيقي عند أم كلثوم وفيروز.
جمعت أم كلثوم وفيروز علاقة صداقة متينة خلال الزمن الفني الجميل، وتجسدت تلك الصداقة في الزيارات التي قامت بها فيروز الى مصر والتقت خلالها أم كلثوم، وتميزت صداقتهما بالود والاحترام والتطلعات الفنية المشتركة من أجل مصلحة الأغنية العربية بعيداً عن المصالح والمنافسة الضيقة، حيث اعتبرت كل نجمة منهما ان مستقبل الاغنية العربية أمانة في حنجرتهما، ولا بد من العمل على تقديم موسيقى عربية صالحة لكل الأجيال.
لم تكن علاقة أم كلثوم وفيروز مجرد علاقة صداقة مرحلية من أجل الصحافة والاعلام، بل كانت صداقة عابرة للتاريخ والأزمنة، وكأن كل واحدة منهما كانت تدرك بأن الأجيال الفنية التي تأتي بعدهما لا تؤمن بمفهوم الصداقة وتسعى الى نسف التاريخ وتدمير المفاهيم الحقيقية للصداقة بين ابناء المهنة الواحدة.
لم تشكل المنافسة بين أم كلثوم وفيروز أي عائق أمام صداقتهما، بل كانت المنافسة عنواناً للصداقة، حيث التفاهم الفني والتناغم الحضاري من أجل مصلحة الفن العربي، بينما نجمات اليوم لا تعرفن معنى الصداقة والمنافسة الشريفة التي تهدف الى رفع مستوى الفن العربي، بل عملت معظم نجمات الزمن الفني الجديد على تدمير هوية الفن العربي من خلال المشاكسات والخلافات التي قضت على الموسيقى الشرقية وجعلت منهن وهم وخيال.
من هن نجمات اليوم أمام عظمة أم كلثوم وفيروز؟ من هن أمام تواضع الكوكب والقيثارة؟ كل نجمة منهن لا تُسلم على الاخرى الا من رحم ربي، وكل واحدة تضع حاجز وقيود في علاقتها مع زميلاتها، وكل واحدة تعمل مثل نساء الفرن، تتحدث عن زميلاتها في المجالس الخاصة، وتقاطع زميلاتها في المناسبات وكأن السلام يضر بعملية السلام في الشرق الاوسط.
لا بُد وأن تدرك كل نجمة من الجيل الفني الجديد بأن التاريخ لن يذكر اسماءهن، بل يذكر اسماء الكبار والعمالقة، ولا يعترف بالوهم والخيال، بل يعترف بالحقائق والحقيقة تؤكد على ان أم كلثوم وفيروز حقيقة الشرق الوحيدة والصادقة.