موسى عبدالله – نحنا: لا شك في أن الإستمرارية أصعب شيء قد يواجهه أي مُغنٍ في مشواره الفني، اذ يُعتبر الحفاظ على المكاسب والإنجازات بمثابة عملية صعبة المنال، إن لم يكن عقل المطرب “شغال” بالشكل الصحيح، ويُعتبر النجم المصري عمرو دياب خير مثال على الإستمرارية، إستمرارية فنية تخطت العقد الثالث.
طرح عمرو دياب مؤخراً أحدث أعماله الغنائية المصورة، أغنية “أماكن السهر” من كلمات تامر حسين وألحان عزيز الشافعي وتوزيع أسامة الهندي، وحققت 4 مليون مشاهدة في غضون يومين من صدورها حصرياً عبر قناة عمرو دياب الرسمية على اليوتيوب.
“أماكن السهر” عمل غنائي قام على القاعدة الرباعية الناجحة، النص، اللحن، التوزيع، الأداء، قامت مختلف تلك العناصر على نوع من الصدمة الفنية، تركيبة موسيقية عبقرية بمختلف أركانها، ولا مكان للتفرقة الموسيقية بين عناصرها، اذ اكتملت تلك اللوحة الغنائية بناءاً على ذلك التكامل الذي جمع أقطابها الأربعة.
حملت أغنية “أماكن السهر” كلمات تامر حسين، شاعر مختلف ومبتكر في نصوصه، يُقدم كلمة جديدة، وقدم نصاً مختلفاً من حيث الصياغة، والمصطلحات السهلة التي يُرددها عامة الناس في مصر، وتكمن قوة النص في طرحه موضوع الحب والغزل بأسلوب جديد قريب من الناس، قام على السهل الممتنع، بعيداً عن المبالغة والتعقيدات الشعرية في الوصف.
على صعيد اللحن، حملت “أماكن السهر” ألحان المتجدد عزيز الشافعي، مُلحن مبدع يقرأ النص بطريقة مختلفة، وقدم لحناً متطوراً قام على المدرسة الحديثة في التلحين، اذ يُعتبر الشافعي من أهم المُطورين في تلك المدرسة. قام اللحن على الجمع بين أكثر من مقام موسيقي، وقدم توليفة متطورة بين مقامي البيات والسيكاه، مع “تكنيك” عصري في النقلات بين الجُمل الموسيقية حيث التصاعد والتنازل حسب درجة النغمة التي اختلفت وتنوعت أكثر من مرة في اللحن.
على صعيد التوزيع الموسيقي، يُعتبر أسامة الهندي من الموزعين الذي يقرأون فكر عمرو دياب بطريقة صحيحة، وقدم نموذجاً حديثاً في التوزيع الموسيقي حيث التطور في الموسيقى الشرقية في الأغنية، اذ قام التوزيع الموسيقي بأغنية “أماكن السهر” على ترجمة حرفية لما قدمه عزيز الشافعي من تطور علمي في اللحن، وتمكن أسامة الهندي من إدخال تعديلات جديدة على الموسيقى الشرقية التي بدت واضحة بأغنية “أماكن السهر“.
على صعيد الأداء، أكمل عمرو دياب بأداءه عناصر الإبداع، حيث غنّى بكل راحة، قدم نفسه بلغة العاشق الواقع تحت تأثير الحب وتخديره، وكأنه في العقد الثالث، غنّى من قلبه وعقله، وقدم درساً لمختلف الفنانين بأن الصوت مثل النبيذ “كل ما عتق بجود” نتيجة الرعاية والإهتمام به.
على صعيد الجمهور، تشهد أغنية “أماكن السهر” إنتشاراً واسعاً بين الجمهور المصري والعربي، ولم نشهد منذ سنوات هذا الإنتشار والتوسع الذي تُحققه “أماكن السهر” التي تحمل مصطلح الأغنية الضاربة بكل ما للكلمة من معنى.
https://youtu.be/dytRwbnEloI